|
|
|
بقلم عبد القادر بن محمد بن عبد الستار بن سعيد بن صالح سوبره
قبل أن أبدأ بالكتابة يسرني أن أتـقدم نيابة عن الكثيرين من الأوفياء بوافر الشكر والاحترام والتقدير للأستاذ نبيل محمود سوبره صاحب المبادرات الإنسانية والمآثر الحميدة والأيادي البيضاء ومغيث الملهوفين، الذي كان له الفضل الأكبر في التوصل إلى معرفة المُعوَزين واليتامى والملهوفين والمرضى و ذوي الدخل المحدود من عائلة سوبره، والعمل على إغاثـتهم ومساعدتهم لتخطي الظروف المعيشية الصعبة لاسيما خلال فترة الأعياد ومواسم افتتاح المدارس.
منوّهاً بمبادئه الإنسانية وجهوده وجَلَده وتضحياته الجمّة: بوقته، وراحته، وأحياناً بماله في سبيل رفع شأن العائلة لا سيما في الميدان الثقافي والاجتماعي، رغم العقبات التي اعترضت طريقه، وانتقادات البعض له في بداية عمله (سامحهم الله) للحؤول دون وصوله إلى غايته في إعادة تأسيس جمعية آل سوبره، واستكمال شجرة العائلة، وبالتالي إصدار هذا الكتاب. علماً أننا تَمكّـنا بواسطة المساعي الناشطة التي قام بها الأستاذ نبيل لدى المؤرخين وكبار المسؤولين من معرفة عدد لا بأس به من الجدود القدامى المدونة أسماؤهم في السجلات التركية ووثائق الزواج في المحكمة الشرعية حيث تَمَّ حصر العائلة بالجدّين حسن وصالح، والجد محمد عمر الذي تعذر علينا التثبت من كونه شقيقاً لحسن وصالح أو ابن عم لهما. وقد رُوي لنا أنه كان تاجراً تحتم عليه ظروف عمله البقاء في الشام مدة طويلة، مما دعا جيرانه ومعارفه إلى إطلاق لقب الشامي عليه، فأصبح وأسرته معروفين باسم "الشامي سوبره"، بعد ذلك عمد الكثيرون من أفراد أسرته إلى إلغاء كلمة "الشامي" والاكتفاء بالإسم الأصلي "سوبره"، في حين احتفظ الباقون بلقب "الشامي" دون "سوبره"، وهناك روايات أخرى عن هذا الجد.
وإذا كان لابد من كلمة حق في هذا المجال فهي الشكر الجزيل والثناء الجميل للمهندس الأستاذ عفيف محمد سوبره الذي كان السباق في المباشرة بجمع المعلومات عن الأفراد بغية رسم شجرة العائلة، وتوقف عن ذلك عند وصوله إلى اثني عشر جدّاً تقريباً. فتابع الأستاذ نبيل المسيرة وتمكن من حصر العائلة بجدين فقط ـ كما ورد أعلاه ـ وهذه تفاصيل قصتي مع شجرة العائلة :
خلال العام 1988 قام المهندس الأستاذ عفيف محمد سوبره بطبع مجموعة كبيرة من الاستمارات وزعها بنفسه على معارفه من آل سوبره طالباً منهم ملأها لمعرفة أفراد أسرهم وتواريخ ولادتهم. وعندما زارني في منزلي للمرة الأولى، وسلمني عدداً منها لتوزيعها على أقاربي بعد أن شرح لي هدفه، رحّبت بفكرته وأخذت المزيد من تلك الاستمارات، ليقيني أنها قد تفيد عائلة سوبره التي لا يعرف معظم أفرادها بعضهم البعض، حتى أن عدداً منهم كان يجهل اسم والد جده ولا يدري بأن له أقرباء !! وإذا طرح عليه السؤال التقليدي : (شو بيقربك فلان) تلكأ وتلعثم واحمرّ وجهه خجلاً قبل أن يجيب بكلمة: ( مِنَ العائلة? !!).
قمت بالمهمة المُوكَـلةِ إلي بكل سرور واندفاع، ووفقني الله لجمع الكثير من المعلومات المطلوبة، بَيدَ أني لاحظت لدى تدقيقها أنها تخلو من اسم جد الجد وتاريخ وفاته، فراودتني حينذاك فكرة زيارة المدافن لحل هذه المشكلة، نظرا لعدم إمكانية الحصول على المعلومات الناقصة من دائرة الأحوال الشخصية بسبب تلف المستندات التي يعود تاريخها إلى ما قبل العام 1932، وفعلا قمت بتنفيذ فكرتي، فتوجهت أولا إلى تربة الباشورة ثم إلى جبانة الشهداء وتجولت بين القبور والرموس بحثا عن أسماء الموتى القدماء من آل سوبره، وتمكنت بفضل الله من الوصول إلى غايتي المنشودة وسلمت ما كان بحوزتي من أوراق ومستندات إلى الأستاذ عفيف، الذي كان يجتمع شهرياً في مكتبه الفسيح الأرجاء بعدد كبير من أفراد العائلة يتداول معهم في شؤون الشجرة ويطلعهم على ما تم إنجازه من عمل.
وقد استمر الحال على هذا المنوال بضعة شهور. أخذ بعدها عدد الحضور يتضاءل تدريجياً إلى أن اقتصر على اثنين فقط : السيد خالد عزت سوبره، وكاتب هذه السطور عبد القادر محمد سوبره.
أما فيما بعد، فقد وَجَّه الأستاذ عفيف إلى جميع المهندسين والأطباء من آل سوبره (على ما أذكر) رسائل مطبوعة دعاهم فيها إلى اجتماع يُعقد في مكتبه بعد أن حدّد لهم اليوم والتاريخ والساعة، غير أنه لسوء الحظ ويا للأسف، لم يلبِّ طلبه أي واحد منهم، الأمر الذي أثار استياءه ودعاه إلى العزوف عن استكمال كتابة شجرة العائلة وحتى عدم التعاون مع أي فرد من أفرادها، وتوضيحا للحقيقة أود أن ألفت انتباه جميع أبناء العم الكرام إلى أن الهيئة التأسيسية للجمعية لم تنتخب رئيسا لها إلا بعد قيامها بزيارة إلى منزل المهندس الأستاذ عفيف محمد سوبره الذي تجهّم لهم، فابتسموا له ـ كما بلغني ـ وطلبوا منه بكل لطف وبشاشة تولي رئاسة جمعية آل سوبره، فاعتذر.
وقد قدّر الله أن يتم تأخير جمع شتات المعلومات المتعلقة بعائلة سوبره، بسبب ضعف الهمة وهبوط العزيمة عند بعض الأطراف، حتى قيض الله سبحانه وتعالى رجالاً نبلاء وأناساً أجلاء، أبرزهم : رئيس الجمعية الأستاذ نبيل محمود سوبره ونائب الرئيس الأستاذ عامر نهاد سوبره، الذين عالجوا الموضوع بجِد واجتهاد، وكرسوا أوقاتهم، وصرفوا جهودهم من أجله، فتعاونت معهم في القيام بجمع كل ما كان مبعثراً في الصحف ومُفرقاً في الأوراق من معلومات أو مستـندات مما يعينهم في مشروعهم هذا، إلى أن اقترب ذلك الأمر من الكمال. وقد قطفوا الثمار المرجوة من خلال استقصاء المعلومات المتعلقة بشجرة العائلة، والربط بينها، وفق نَسَق متلاحمِ الأجزاء، مترابطِ السياق.
وهكذا ولدت شجرة عائلة سوبره بعد مخاض عسير استمر عدة سنوات، اجتمع خلالها رئيس الجمعية ونائبه ببعض كبار السن المنتمين إلى العائلة وواصلوا المناقشة والتشاور وتقصي الحقائق والاطلاع على الوثائق التاريخية للاستـنتاج منها بالمقارنة بين أعمار الجدود وأعمار زوجاتهم وأنسابهم لإتمام عملية الربط بينهم. وعادت إلى الظهور بثوب قشيب وحلة جديدة "جمعية آل سوبره "التي يفتخر بها الجميع، لأهدافها السامية المقتصرة على العمل العائلي الخيري والثقافي والاجتماعي والتربوي، بعيدا عن السياسة والانتهازية والمصالح الخاصة.
ولا يسعني في ختام كلمتي إلا أن أكرر شكري وامتـناني للأستاذ نبـيل ولجميع من ساهم بتكريمي من أعضاء الهيئة الإدارية لجمعية آل سوبره؛ خلال حفلة إفطار رمضان المبارك 1417هـ ـ 1997م في فندق الكومودور، بيروت، هذا التكريم الذي فوجئت به آنذاك لاعتـقادي أن العطاء العائلي هو من صميم واجبات المرء.
|
|
|
|
|
|